كتب20 min read

العلموية ( هل العلم هو المصدر الوحيد للمعرفة ؟ )

سامي العامري

فالبداية هل يمكن لانسان العيش بدون تقديس لاي شئ ؟ ام انه فقط ينتقل من التقديس الميتافيزيقي الى المادي ؟

يقول الكاتب :

لكل عصر اصنامه التي تهفو اليها جماهير الناس , عامتهم وخاصتهم , حتى في الازمنة التي يثور فيها الناس لهدم الاصنام المتصدرة والاوثان المبجلة فإن ثورتهم تلك في الحقيقة ليست سوى استبدال اصنام بأصنام , والاوثان المبجلة فإن ثورتهم في الحقيقة ليست سوى استبدال اصنام باصنام.

في تعريف العلموية :

شعار العلموي الاساسي هو ان ماعجز العلم عن جوابه اليوم في رحم الغد جنين خبره ! فما العلموية ؟

يمكننا اختصار القول بتعريفها انها القول بان العلم هو الوسيلة الوحيدة للوصول الى المعرفة  وكذلك الانطلاق من كون العالم مجرد الة تتحرك بصورة جبرية مختزلة الوجود في ماهو قابل للفحص العلمي واقصاء مافوق الطبيعة و رفع شعار موضوعية العلم ! ( المزعومة )

او ماقاله راسل 

ما لا يمكن للعلم اكتشافه , لا يمكن للبشرية ان تعرفه .

تاريخ العلموية :

بداية من ظهور فكر ديكارت و بيكون في القرن ال17 حيث اعلن الاول ان للعقل القيمة الاكبر والاخير اعتبر التجربة هي الطريق الى ادراك العالم على حقيقته وتمدد الامر بظهور المنهج الطبيعاني وتختصر اهم معالك عصر التنوير بداية في رفض سلطان الكنيسة ونمو الاعتداد بالعقل و قدرته على السمو بالبشرية مرورا الى التاريخانية واخضاع التاريخ كله للامتحان التاريخي ودراسة الظواهر على اساسه والتعاون والانسانية على اسس عقلية لادينية . وصولا لكونت الذي كون نظرية حاكيمية التاريخ لقوانين ثلاثة

1 - محطة التفكير اللاهوتي -> وهنا يرى ان البشر بداية يفسرون الظواهر بردها لخالق للكون

2 - محطة التفكير الميتافيزيقي -> اختراع علل ميتافيزيقة غير قابلة للتجربة مثل العقد الاجتماعي

3 - محطة التفكير العلمي -> اخضاع كل شئ للتجربة و الوصول للحقيقة من خلالها فقط .

ثم ظهرت الوضعية المنطقية التي ترى ان مالايدرك بالحس غير موجود ( وتختلف عن وضعية كونت بقوله ان مالايدرك اليوم يمكن للعلم ادراكه غدا اذا تطورت الادوات )

وتأسست على 3 اركان

1 - تجريبية دافيد هيوم : التجربة هي السبيل الوحيد للمعرفة ومالايدرك بالتجربة والحس غير موجود

2 - اوغست كونت : كما سلف ذكر نظريته التاريخية

3 - فلسفة اللغة عند فيتجنشتاين وان مالايمكن التعبير عنه لغويا غير موجود ( ولايمكننا التكلم عن شئ اذا لم تدركه حواسنا )

وانتهت الوضعية المنطقية بسبب مشاكلها واهم مشكلة كانت بتعتبير ألفرد جول آير 

يبدو ان اعظم العيوب هو ان كل شئ كان خطا! 

لم تنتهي فكرة العلموية هنا بل عادت للظهور في نهاية القرن العشرين في ادبيات رموز الالحاد الجديد وظهور العلم الشعبوي حاملا دعاوى علمية صادمية مثل الاكوان الموازية , حرية الارادة , التطور , نظرية الاوتار ... وتختبئ العلموية تحت غطاء موضوع وشعار ان العلم لايمكن ان ينحاز .

واذا اردنا الحديث عن العالم العربي فالعلموية ظهرت في كتابات نجيب محمود او صادق جلال العظم والذي عبر بقوله :

عندما نقول مع نيشتيه ان الله قد مات فنحن لانقصد تلاشئ العقائد الدينية بل ان النظرة العلمية التي وصلها اليها الانسان خالية من ذكر الله .

وخالف نجيب محمود الفكر الميتافيزيقي فقط لكونه غير قابل للدخول للمختبر

... الذين يخلقون لنا اسباب الحضارة في معاملهم فقد اخذت به اخذ الواثق في صدق دعواه وطفقت انظر بمنظاره الى شتى الدراسات فامحو منها ماتقتضيني مبادئ المذهب ان امحوه , ... , جعلت الميتافيزيقا اول صيدي .

وتظهر العلموية قوتها في العالم العربي عندما يتم احضار شاب دارس لبعض كتب الفلسفة وعلم الاجتماع وشيخ دين جاهل في العلوم المذكورة ليبدا النقاش ويظهر ضعف حامل الجانب الديني .

العلموية هي العلم فهل الاسلام ضد العلم ؟ :

اولا قول ان العلموية هي العلم هي مغالطة سنجيب عنها لاحقا لكن هل الاسلام ضد العلم ؟

الاسلام ضابط لمصادر المعرفة وليس ضدا للعلوم وسنتطرق لاحقا كيف يكون ضدا للعلموية . فالاسلام يخبرنا ان اصل العلم هو وجود الرب سبحانه 

والعلم فالتصور الاسلامي يتجاوز التجربة ويتمد لكل معرفة فطرية او كسبية مهما كان جنسها . وللعلم حد لايمكن تجاوزه , وعكس العلم فالاسلام يخبرنا بمصادر اخرى للمعرفة بجانب التجربة والحس وهو النقل و الحدس والعلم خاضع للاخلاق ويسير بتوجيهها .

العلم و العلموية و العالمانية :

اكثر ما يروج له دعاة العلمانية الشعبوية ان السبب الرئيسي لنشأة العالمانية هو صراع الكنيسة مع العلم , لكن الصدمة ان من ينظر لتاريخ نشاة العالمانية يجد ان السبب الرئيسي هو الصراع مع العقل لا العلم ( science ) وان الاشاعة نتيجة الهوس بالصراع و اثر للكتب الدعائية المؤدلجة ضد الكنيسة . فالعلموية كالايديولوجية لم نشا نتيجة صدام بل نتيجة معارضة لكل ماهو متجاوز (  transcendental ) وحتى صدام جاليليو لم ينتج منه انقسام علمويين و متدينين فالعلموية فنهاية الامر موقف ابستمولوجي .

كيف اصبحت العلموية دين ؟ :

كما يقدم الدين للانسان صورة واضحة للوجود والعالم والغاية كذلك العلموية تقدم لنا العالم على صورة من العبثية والمادة والذرات التي لاحقيقة ولا وجود غيرها 

فإذا اخذنا تعريف الدين بانه " كل رؤية كونية يتحمس لها المرء وينبثق عنها فعل " فالعلموية هي دين العصر  فالرغم من ان كونت اقام مشروعه رغبة التخلص من الميتافيزيقا فهو تلبس بكل ما انكره على اللاهوت وجا بدين يقدس العلم والانسان , فماهي المعالم الدينية للعلموية ؟!

1 - نظرة متكاملة للوجود  : الكون نظام مغلق يرفض وجود اي شئ يتجاوز المادة , ففهم الكون بلغة الطول اولعرض والعمق والسرعة والاتجاه كافية لادراك حقيقته .

2 - الإله  : ماتعريف الاله ؟ ( حسب جوردون كوفمان فهو مايوفر بلانسان قبلة للحياة حوافز لمواجهة ازماتها ) فماهو الإله عند العلموين ؟ اصبحت قوى التطور ذو هالة قدسية بقدرتها على خلق وعي من لاوعي و نظام من عبثية وجمال من لاجمال و تمدد الصنم ليشمل كمال العلم وقدرته .

3 - الشعور الديني  : كما يشعر المؤمن بلذة الخشوع والتضرع لله فالعلموي يشعر بنشوة و رهبة مشابهة عند اكتشاف جديد يقدمه العلم الحديث ويؤمن العلموي ان الحقيقة العلمية ( حسب تعريفهم ) لاتعتمد على مزاج مكتشفها ( وهي النقطة التي سنناقشها لاحقا ) فهي ترفض نفسها على الجميع .

4 - الانبياء  : علماء الطبيعة هم انبياء الديانة العلموية , يقول لورنس م برنسب 

انهم يعيدون ضمنيا اعادة صياغة صورة العلماء كانبياء وكهنة يختصون باشراق الوثنين ( الكهنوت )

5 - الشهداء  : شهداء العلموية هم اولائك الذين ماتوا في سبيل نشر العلم ( كوبرنيكوس ,, مايكل سرفتوس )

6 - المعجزات  : النجاحات العلمية هي معجزة تحسب للعلم

7 - عقيدة الخلاص  : خلاص الانسان فالاسلام بالتوحيد والمسيحية بالايمان بالاله المصلوب من اجل خطايا البشر وفالعلم فالخلاص يكمن فالايمان ان للعلم القدرة على تحقيق الخلاص للبشرية , يقول جون غراي

لم يمكنا العلم من الاستغناء عن الخرافات بدلا من ذلك اصبح العلم وسيلة لنشر الاساطير واعمها اسطورة الخلاص من خلال العلم كثير من الناس الذين يسخرون من الدين واثقون تماما في انه باستخدام العلم يمكن للانسانية ان تسير الى عالم افضل 

8 - القضاء والقدر  : فالاسلام لايمكن للانسان ان يخرج ان ماكتب عليه ( وهذا لايعني الجبرية بل ان ماكتب عليك هو ما اخترته لنفسك ) كذلك فالعلموية يكمن التصور بان العالم الي وجبري فكل شئ محكوم بقدر الفيزياء والبيولوجيا .

9 - ثيوديسا : بينما يرى الاسلام وجود الشر كابتلاء وجزء من الاختبار للناس يرى العلموي ان الشر هو شئ حتمي لافكاك عنه ووجوده عبثي نتيجة للقوانين العمياء

10 - المنظومة الاخلاقية : يؤمن العلموي باخلاق فطرية , لكنها ليست فطرة من اله خالق مدبر حكيم بل فطرة غريزة حيوانية هدفها تحقيق البقاء والتناسل ولايوجد فالحقيقة اخلاق موضوعية بل هي تتغير وتتبدل حسب الحاجة لتحقيق هدف الغابة الاول .

العلموية ومصادر المعرفة :

من الإلزامات المرجعية لمعتنقي العلموية هو مادية العالم ومنه مادية العقل نفسه ( هنا نتكلم عن العقل وليس الدماغ ) فكيف سندرك العالم اذا كان يعتبر وهما اصلا ! فالدماغ تطور اساسا من اجل تحقيق اساليب البقاء و عكس ادراكها للظوار وليس موضوعية الظواهر . ؟ فالسؤال هنا حول مصدر المعرفة فهل يمكن اصلا السؤال حول ماهية وحقيقة العالم ؟ و السبب الرئيسي لكون العلم المصدر الوحيد للمعرفة حسب كثير من رواد العلموية انه كان سببا في تقدم البشر و تحقيق الرفاهية 

الفيزياء دقيقة -> حققت الفيزياء تكنولوجيا عظيمة -> تقدم تفسيرات دقيقة وواضحة -> الفيزياء هي الطريق الوحيد لادراك العالم .

فالمغالطة هنا كمغالطة القول ان الشبكة تصطاد السمك في البحر فيتم اعتبارها حجة لكون الشبكة قادرة على الاصطياد في كل مكان !

العلموية والعقل :

تنحصر معرفة العلم التجريبي في الممكنات , فنعم الفيزياء نموذجا يمكن ان تخبرنا انه من المستحيل ان ينفجر القمر ويعود مجددا ليشكل نفسه , ببساطة لان قوانين الكون لاتجري على هذه الصورة , ولكن العقل لايمنع حدوث ذلك بتاتا فماذا لو ادت مشيئة خالق القوانين لجعل تلك الخارقة ممكنة ! .

كذلك يدعي رواد العلموية ان العقل ماهو الا تابع واداة مساعدة للبحث العلمي متجاهلين تماما ان الحواس هي رهينة العقل ولاقيمة للتجربة وادراك نتائجها دون مساندة العقل , فالعقل هنا هو المركز .

فالتصور الاسلامي يشير القران  لكون العقل اداة تستنبط مرجح الوجود فالحس نفسه مقدم في براهين عقلية لمعرفة ماوراء الحس

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾

هل ماتت الفلسفة ؟ :

في احد حوارات لورانس كراوس يطلق عبارة ساخرة ( philosophy is garbage ) , قد تجعل الجملة الجمع الموجود يصفق له ويتفاعل معه لكن هل يعلم انه يلعن الهواء الذي يتنفسه ؟ فكيف سيثبت كراوس عبارته دون العودة للفلسفة نفسها ؟ كيف سيثبت ذلك تجريبيا و رصديا ؟ 

واكثر من اشتهر بمهاجمة الفلسفة هو الفيزيائي هويكنغ والمضحك هنا ان هويكنغ صنع تصوره الكسمولوجي على تصور رياضي لايمكن نقله للواقع ( للمزيد يرجى البحث حول قابلية الرياضيات لوصف الواقع ) 

ناهيك ان اي عالم طبيعي فهو بالضرورة فيلسوف حيث انه مجبر ان ينطلق من مقدمات فلسفة ( حجية العقل والحواس والثقة بهما ) 

فادعوى البراءة من الميتافيزيقا باطلة لان مذهب العلماوية مقام اصلا على انكار ان يكون هناك موجود غير المادة .

الفلسفة هي القدر المحتوم للعلم لانها اصله . 

فكفيف يكون الشخص الذي لايعرف من الوجود سوى المعادلات والقياسات هم اكثر الناس قدرة على فهم هذا العالم المتطلب للتفكير العميق ؟

- ماذا عن دعوى اختلاف الفلاسفة والنسبية الفلسفية ؟

يدعي العلمويون كون الفلسفة تخلق من فيلسوف فقط كي تسلب روحها لفلسفة اخرى في حين ان العلم تراكمي يتطور بينما الفلسفة هدمية 

نظريا يبدو هذا الكلام واقعيا , ولكن ! الخلاف الاساسي بين الفلاسفة شائع منذ الفلسفة الاولى لليونان وهو حول القضايا الكبرى من اصل السعادة والشر و الوجود بينما دعوى كون العلم تراكمي بحت هي دعوة فاشلة لان العلم يقوم على هدم جميع البدائل العلمية المخالفة له 

فكارل بوبر يرى ان مهمة العلم نقض الفرضيات لا اثبات صحتها .

العلم والخبر  :يتغنى رواد العلماوية بالتجربة كمصدر وحيد للمعرفة ولكن هل هذا صحيح ؟ بعد ان ناقشنا حاجتنا للعقل نناقش الان الخبر و ضرورته فالوسط العلمي فالمقالات والكتب العلمية رغم كونها نقل لمضمون تجربة علمية فهي من اهم مصادر البحث العلمي . حتى الممارسين للعلم التجريبي لايملكون الافادة المعرفية من علوم العلماء الا بالتلقي الخبري لها في عامة الاحوال فهل بحث جميع التطوريون في علوم الجينات والوراقة والاحافير للجزم بهذه الاخيرة كدليل على التطور ؟ وحتى التجربة الحسية نفسها تعطي خبرا فقط وللعقل دور في فهم الخبر و ربطه وناخذ هنا مثال العصا في الماء الحس يعطيك انها منكسرة ولكن العقل يفيد بغير ذلك .

العلم او النقل ؟ : عند حديثنا عن وحي فلابد من معرفة ان تعارض العلم القطعي و النقل القطعي غير ممكن واذا تعارضا لابد ان احدهما على خطاء , ولكن العلم بصفته الشائعة من الممكن بل ويتعارض مع كثير من نصوص الوحي وخذ امثلة على ذلك ( التطور , علم الاعصاب وحرية الارادة , اصل الحياة , هدف الحياة , الاكوان المتعددة ) فالخبر العلمي غير يقيني فهذه الامثلة المذكورة لايمكن تجربة اي منها فالمختبر للحصول على نتيجة حسية عقلية لاتقبل الجدال بل بعضها استنباطي والاخر سفسطائي يصادر على المطلوب , فالعلم لايمكن ان يوافق الوحي بالمطلق و ابسط الادلة ان العلم خلال 100 عام يتغير ويتجدد وتسقط نظريات لتعلوا اخرى .

اذا حصل تعارض بين النقل والعلم قدم اليقيني ( القطعي ) منهما , سواء اكان النقل او العلم 

هل العلموية علمية  ؟ : اولا ناخذ بمفهوم كارل بوبر للعلم الزائف وهو العلم الغير قابل للدحض او التأييد .

من اكثر المشاكل في فلسفة العلم هي وضع حدود للعلم لايتجاوزها , فإحتكار العلم لجميع مصادر المعرفة يجعله تحت مجهر نفسه فهل العلموية و ادعاء ان العلم هو المصدر الوحيد للمعرفة و انه لاموجود غير المادة قابل للتجربة المختبرية ؟ . فالفكرة هادمة لنفسها .

هل مقدمات العلم علمية ؟ :الملاحظ ان العلم نفسه قائم على مقدمات غير علمية كحجية العقل والحس فالبدء من الصفر يجعلنا غارقين في لاشك والسؤال حول امكانية السؤال وقد قال ابراهام كابلان :

لاسبيل البتة في العلم للبدء من الصفر لايوجد سوى مكان واحد لايمكن ان نبدا منه وهو المكان الذي نحن فيه .

ونستعرض هنا بعض مقدمات العلم غير العلمية

1 - وجود عالم خارجي موضوعي 

2 - الكون منظم حيث يمكن فهمه بقوانين ومعادلات ثابتة

3 - الدماغ صادق في فهمه للعالم

4 - الحواس صادقة في نقلها للواقع الخارجي

5 - الحقيقة موجودة ومهمتنا هي البحث عنها

6 - اللغة البشرية قادرة على ابلاغ الحقيقة

7 - موضوعية الجمال

فيمكننا تلخيص ايمان العلموي في المقولة التالية لإسحاق اسيموف

انا ايضا لي ايمان ان اؤمن ان الكون مفهوم ضمن حدود القانون الطبيعي وان دماغ الانسان يمكنه اكتشاف تلك القوانين الطبيعية وفهم الكون واؤمن انه لاحجاة الى شئ يتجاوز تلك القوانين الطبيعية , واملك حجة لاثبات ذلك .

فالعلوم كلها تنهار بدون نظرة ميتافيزيقية

هل العلم محايد  ؟ :

يقدم العلم فالقرن ال21 على انه اداة عمل الي يسير في طريق امن ومستقيم بلا عوج ولا امت لايتاثر بالايديولوجيات , لكن المتأمل قليلا في هذا الكلام يدرك مدى كونه هراء فبداية العالم في بداية بحثه يحمل عددا كبير من الافتراضات والنظريات لمن سبقوه ولا يجرؤ على فحصها سلفا .

والعمل العلمي هو مشروع انساني صاخب وظاهرة اجتماعية فهو فكر بشري يتاثر بنزاهت و اخلاص الباحث و ذكائه وبراعته في استعمال الادوات البحثية ورعبة فالسمعة والوصول الى اعلى المناصب . و هو يتاثر بما جاء في علم النفس التحليل فهو ابن بيئته ونموذجه الحضاري المتشبع بمقولات يدركها لاوعيه فتؤثر فالمنهج والرؤية . ناهيك ان اغلب النظريات العلمية ( وخصوصا في مجالي الكوزموس و البيولوجيا التطورية ) هي رؤى تخيلية مفروضة على الواقع 

واكثر مايطرحه الدراونة عند الحديث عن حجية الداروينية هو انها النظرية الوحيدة التي تفسر نشأه الكون والبديل الوحيد للتصميم الإلهي . 

لكن هل من العلم ان يقال ان :

ا / تفسير الدراونة لبعض الظواهر

1 - عند انفصال الامريكيتين قد عامت القردة من افريقيا الى امريكا الجنوبية لتسكن العالم الجديد !

2 - سبب وجود الغدد المنتجة للحليب هو ان الزواحف تتعرف لتخيف درجة الحرارة فبدئت صغار الزواحف تلعق عرق الام للاغتذاء فتحولت بعض غدد العرق الى انتاج مواد ثرية غذائية حتى اصبحت في اخر الامر حليبا !!!!

ب / حرية الارادة

تعد تجربة عالم الاعصاب بينامين ليبت من اشهر التجارب التي زعمت كشفها وهم حرية الاادة وان الدماغ يتخذ القرار قبل الوعي به و رغم كونها لاتفيد بشئ في نصرة الجبرية الا انها اصبحت ايديولوجية تلقى ضد المتدينين

ج / التطور ثم الكون 

يخبرنا ريتشارد دوكينز انه يعتقد ان كل انواع الحياة والذكاء والابداع والتصميم في اي مكان فالكون هي نتاج مباشر للانتخاب الطبيعي ! وهذا كان جوابا على سؤال

(( ماهو الشئ الذي تعتقد انه حق وان كنت لا تستطيع اثباته ) --> https://www.edge.org/response-detail/11235

والمتامل في اغلب العلموين يجد الهاجس الالحادي في تفسيراتهم حيث يفرطون في ادخال البيولوجيا التطورية لشرح كل شئ عن الانسان والعقل البشري

وهو مايجده الملحد ناجل مثير للسخرية ! --> thomas nagel the last word p131

فمثلا المفيزيائي لي سمولن يدعي ان الثقوب السوداء تنشئ اكوان جديدة وتحدد قوانين الكون طبيعة الثقوب الحادثة ! وينتخب امكانية الكون للبقاء عبر طبيعة الحياة في الكون الحادث !

ومن اهم مايظهر سلطان الايديولوجيا على العلم ماحدث في النازية ورفض النسبية لعلاقتها باليهود و ماحدث في الاتحاد السوفياتي بالحكم بالاعدام على نيقولاي فافيلوف بسبب نظرياته في التوارث الجيني بما يخالف ايدلولوجيا الماركسية اللينينية ---> https://plato.stanford.edu/entries/scientific-objectivity/

كما تتجلى الايديولوجية بدل العلم في نظرية الانفجار الكبير يقول الفيزيائي الان سنداج عن نظرية الانفجار العظيم ومالاتها اللاهوتية 

انها نتيجة غريبة ... لايمكن ان تكون صحيحة .

كما انحاز بعض علماء الكوسمولوجيا حسب ستفن واينببرغ الى نموذج التذبذب للاسباب فلسفية حيث مع انه يواجه صعوبة نظرية الا انه يحل مشكلة البدء من العدم . ولا ينخدع القارئ بان الحركة العلمية تسير بسلاسة فمثلا نظرية الفرد فاجنر في الانجراف القاري لم تقبل الا بعد عشرين سنة من موته حيث كانت تواجه بالتسخيف وهذا بسبب ان فهم العلماء يكون ضمن نسق فكري واي بيانات تعارض ذلك النسق يتخذ العلماء اساليب دفاعية لفرض النظام الجديد حتى تتراكم مع الوقت البيانات لدعم النظام الجديد وتعلو الاصوات ليحل مكان النظام القديم وسننظر في كل مرحلة من مراحل العلم ومدى صحة ادعاء الموضوعية و التجرد

1 - اختيار الموضوع : لايمكن للباحث العلمي اختيار موضوعه والبحث فيه بموضوعية دون تدخل سلطان الواقع العلمي وداعيميه فالدعم من اهم متطلبات البحث العلمي و في اغلب الاحيان يكون اختيار الموضوع رهينة وجود مصلحة للحكومات او المؤسسات الداعمة وخصوصا المؤسسات التجارية كمصانع الادوية التي تدعم الابحاث المنتصرة لمنتجاتها او المدافعة عنها ضد تهمة الضرر كذلك المؤسسات المصنعة للأغذية كثير ماتدعم الاباحث العلمية الداعمة لبراءة منتجاتها من الضرر خصوصا بعد ان تكون هناك ابحاث مضادة تدعم ان لهذه المنتجات ضرر وايضا الباحث لايفكر في اختيار موضوع بحثه دون اعتبار المصالح الاجتماعية والاقتصادية والدينية لمجتمعه .

2 - الملاحظة والبحث : يبدا الباحث من مجموعة نظريات موجودة مسبقا ويعتمد عليها لفهم وتصور الملاحظات ولابد ان يجاور هذا تحيز لشبكة كاملة من التجارب والمعلومات كمثال على هذا يفسر الباحث التقارب الجيني بين الانسان والشمباري تفسيرا ينصر التطور ! رغم ان هذه الدعوى اصبحت مجرد اسطورة

3 - التجربة : مع ان الامر غريب ولكن منهج العلموية لابد ضرورة ان يولد لنا مشكلة سفسطائية  حيث يحاجج البعض انه لايمكنك ان تعتبر التجربة صحيحة حتى تختبر موثوقية الجهاز الذي توصل للنتيجة حتى ننتهي في تسلسل لانهائي

4 - صناعة الفرضية: يتجنب العالم اثناء صناعة الفرضيات خلق صدام بين الافكار السائدة بين الاكاديمين ويضطر لتعديل نتائجه بعبارات مهذبة لاتخلق صدمة مع الواقع العلمي كان تكون هناك دراسة متعلقة بعلاقة الجينات بالشذوذ الجنسي لابد ان يختار الباحث عباراته بعناية حتى لايتعرض لردة الفعل من لوبي الشواذ

5 - الاستنباط : اذا كانت المعلومات والنتائج الموجودة امام الباحث تقبل نتائج مختلفة يظهر حينها سلطان الادلجة حيث وقتها يكون الانحياز لنظريات دون برهان علمي فقط لانها توافق ظواهر متعارف عليها .

6 -تطبيق الكشف العلمي : قد يرفض مجموعة من العلماء نتائج بحث معين فقط لانها تخالف ايديولوجية معينة فمثلا نتيجة ان الكون يحتوي على مجموعة ثوابت كونية اذا تغيرت ايا منها لابد ان ينتهي الى انهيار الكون . ولكون النتيجة حجة للايمان بالله اتجهوا لدعم نظرية الاكوان المتعددة التي تنصر امكانية نشأة الكون المنظم بصدفة محضة مع العلم انها غيب محض .

تهافت الحقيقة العلمية : يصدع ادعياء العلماوية رؤسنا بانها وصلت لاسمى مايمكن للعقل البشري الوصول اليه و عبارة " ليس بالإمكان اعظم مما كان " بالرغم ان العلم في كل عصر يحسب انه قد وصل الى نهاية افاق المعرفة العلمية الممكنة وكثيرا مينتهي مخطا فتاتي نظريات تهدم ماسبق . يقول جون غربن

يمكنك ان تفضل تفسيرا في اول ايام الاسبوع واخر في اخر الاسبوع ولكن الامر الذي يجب الا تفعله هو ان تؤمن بان ايا من التفسيرات الكمومية تمثل الحقيقة

الحقيقة المطلقة ومعضلة الحواس :   با كيف يمكن للعلم ان يصل الى الحقيقة المطلقة تجريبيا وفي نفس الوقت اذ تكلمنا عن قدرت حوسنا نجدها قاصرة مثلا نحن لانسمع ضمن ذبذبات معينة ولانرى الا ضمن اطياف من الضوء محددة وقد نفكر التفكير في جانب من الوجود بمجرد ان تتعطل احد حواسنا ! 

لابصر -> لاتصور لوجود الالوان واختلافها

لاسمع -> لايوجد في الوجود اصوات

فماذا يمنع ان يكون هناك في الوجود اشياء يعجز العقل عن تصورها لاننا لانملك حاسة تلتقطها ! فالايمان بالعمولة هو غيب مثل غيب المؤمن والفرق ان المؤمن موعود ان يبلغ عين اليقين بعد حين فيرى المخفي ببصره بلا حجاب واما غيب العلموين فلا ياتي ابدا لانه وعد بما لايملك العلم ان يطاله بيد

العلموية والاخلاق : لايمكن للعلم الوصول لحقيقة الاخلاق فناهيك عن كونها شئ لامادي فهي شئ نسبي يقول ارسطو

كثيرا مايعرف الشخص الواحد السعادة باشياء مختلفة بالصحة عندما يكون مريضا وبالثراء عندما يكون فقيرا .

قد يجيبنا الملحد بعتراض انه يمكن للعلم ان ينتج عمل اخلاقي كان يعرف اسباب الجوع في العالم وطريقة تقسيمه بعدل لتحقيق المساواة في العالم . ولكن هذا لايحل المعضلة بل يؤكدها فقد تملك مايكفيك وجارك ولكنك تزهد في اطعامه و قد يكون حسب التحليل العلمي ان التجويع اليوم هو حل لحاجة معينة !

هل النتيجة صحيحة علمويا ؟ : دعوى ان العلم هو السبيل الوحيد للمعرفة تخلق لنا معضلة الاستقراء الناقص فحسب العلموية التجربة هي الوسيلة الوحيدة للحقيقة ولكن هذا شبه مستحيل دون استعمال العقل لتعميم الحكم ناخذ مثلا

- قطعنا راس شخص فتسبب هذا بوفاته التفسير العلمي لايمكنه ان يقول ان كل عملية قطع راس هي مسببة للوفاة ولكن العقل يجزم بهذا

العلومية والاعدام الذاتي : تنطلق العلموية من دعوى ان العلم هو الوسيلة الوحيدة للوصول للحقيقة ولكن ماذا اذا اخضعنا العلموية نفسها لهذا الادعاء ؟ تنتج لدينا معضلتين

1 - معضلية ذاتية حيث يسقط الادعاء عند تطبيقه على المدعي

2 - معضلة اصطلاحية حيث تنتهي العلموية لكونها تقرير فلفسي محض لايوزن ولايقاس ويقبل التشريح

فلا يمكن للعموية ان تكون مقبولة دون وجود مقدمة اولى تثبت صحتها ومنها فالعلموية فرضية تهدم نفسها .

هل تطبق العلموية ادعائها ؟ : عند النظر في طريقة البحث العلمي نجد انها بعيدة كل البعد عن ادعاء العلموية فالعلم ينطلق ضرورة من اطار معرفي محدد يشمل الثقة في الحواس و العقل وحقيقة العالم الخارجي والثقة في النتيجة كون العالم بناء هندسي ورياضي بديع يملك الانسان ان يصوغه في قوالب علمية مختصرة ومفهومة او كما يصف ريتشارد فاينمان الكون 

معجزة

والايمان بالعقل لابد ضرورة ان يكون قبله ايمان بالله كضرورة معرفية .

الله ,العلم,النظام ,العبث : مشكلة الرؤية العبثية للعالم انه تحد الانسان للاكتشاف فمثلا بعد سنوات من اعتبار الحمض النووي الصبغي خردة يقول كولنز 

وفيما يتعلق بالحمض النووي الصبغي الخردة نحن لانستخدم هذا المصطلح بعد الان لانني اعتقد انه كان في ذلك الى حد كبير شئ من الغطرسة ان نتصور انه يمكننا ان نستنغى عن اي جزء من الجينوم كما لو كنتا نعرف مايكفي لنقول انه بلا وظيفة , تبين ان معظم الجينوم يقول باشياء .

وادى هذا الادعاء الى تقويت الكثير من الحقائق العلمية التي تفيدنا في كشوفات الطب بسبب الالتزم للمادة و العشوائية .

- من ينظر لهذا العالم بقوانينه الفيزيائية يجد ثباتا ونظاما مهول يجعلنا قادرين على دراسته وضبط قوانين رياضية محكمة له وهو ما يؤكد عقلا لوجود حكمة صنعت الكون فالحكمة لايمكن ان تنتج من لا حكمة ( يجدر الذكر ان العلمويين خرجة بخرافة الاكوان المتعددة لتفسير نظام الكون ) فلو ان نظام الكون يتغير كل لحظة بصورة مفاجئة عشوائية لامتنع العلم عن العلم ويكون فهم الكون على اوصاف علمية رياضية ضربا من اللغو . فلا يمكن تفسير نظام هذا العالم بدون الرجوع للميتافيزيا ولو قال احدهم ان الكون يفسر بالقوانين لكان اولا فسر الماء بالماء وثانيا حتى لو سلمنا بالقوانين فهي اوصاف للاشياء وليس جوهر الشئ .

فالملحد لايمكنه تجاهل ادلة وجود الله وحتى لم تم نقض جميع الادلة العلمية ( بعبارة البعرة تدل على البعير ) والعقلية على وجود الله فلا يمكن الجزم انه غير موجود 

يلزم من وجود الدليل وجود مدلول عليه ولايلزم من عدمه عدم المدلول عليه

في الختام لايمكن للعلم اثبات عدم وجود الله علميا ولا يمكن اخذ كلامه كمسلمات عندما يكون في القضايا الفلسفية فكما يقول انشتاين 

العالم فيلسوف بائس .