كتب18 min read

داروين والتطور

دعاس ناصيف

القسم الاول : تاريخ الفكر التطوري

1 - العصور الوسطى والقديمة :

تحدث كثير من الفلاسفة الرومانيون واليونايون و الرواقيون وكذلك فلاسفة الاسلام ومفكريه على افكار تشبه التطور الدارويني غير ان المتامل في كلامهم يجد المقصد منه تصنيف الموجودات وليس تطورها من نوع الى نوع اخر بالضرورة .

2 - عصر التنوير :

في هذ العصر ظهرت بعض الافكار التطورية مثلا بيير موبيرتوي اتجه الى ان هناك تعديل طبيعي يحدث اثناء التكاثر ويتراكم عبر مجرى عدة اجيال منتجا السلالات حتى ان يخلق انواع جديدة وقد عارض جون راي الفكرة وعرف النوع الحياتي بانه يتميز بمظاهر اساسية غير متبدلة ولا يمكن لنسل اي نوع ان يتحول الى نوع اخر وظهرت كثير من الافكار حول التطور في ذلك الزمن ونذكر من الفلاسفة والمفكرين ( بوفون , دنس ديدرو , جيمس برانت , مونبيدور , ارسموس داروين )

3 - اوائل القرن التاسع عشر :

ظهرت كثير من النظريات حول التطور ولكن سنركز هنا على تحول الانواع بداية من نظرية لامارك في كتابه فلسفة علم الحيوان والتي كانت فكرتها الجوهرية ان الصفات المكتسبة تتوارث وتنتقل عبر الاجيال وكانت الافكار متوافقة مع الراديكالية المادية في عصر التنوير ولكنها هوجمت من قبل المفكرين المحافظين متبنين فكر ارسطو ان النوع غير قابل للتحول و في سنة 1858 نشر تشالز داروين و الفرد والس نظريتهم في الاصطفاء الطبيعي قبل ان يعترف داروين لاحقا ان وليم تتشارلز ولز عرف مبدا الاطفاء الطبيعي قبلهم .

4 - الختام:

يجدر الذكر ان كثير من النظريات و المجادلات حول تطور الانسان حدثت خلال تلك الفترة وظهرت كثير من النظريات كبدائل عن الاصطفاء الطبيعي 

- التطور اللاهوتي : الله يقود عملية التطور

- اللاماركية الجديدة : وراثة الصفات المكتسبة

- التطور الخطي : تسعى الحياة لكمال ابدي ومنه فهي تتطور وفق خط واحد لايمكن ان تتشعب منه

- التطور الفجائي : تنبثق الانواع نتيجة طفرات ضخمة فجائية

القسم الثاني :داروين واعماله

بداية ولد داروين لعائلة غنية فكان جده و ابيه يمتهنان الطب مع سمعة شهرة واسعة عرفت رحلته الدراسية بالفشل لكونه غير مهتم بالكثير مما يتم تدريسه وقد حاوله والده روبرت ارساله لمدارس خاصة بالطب والكهنوت ولكن النتيجة كانت واحدة , وكان داروين يتفادى غضب ابيه عبر ادعاء جديته في الدراسة حيث كان داروين يميل لجمع الكائنات الحية وتأملها حيث انضم الى ملحق دراسي جانبي يهتم بعلم النبات تحت اشراف الاستاذ جون هنسلو ونشئت علاقة صداقة وطيدة بين التلميذ ومعلمه . وخلال رغبت داروين في السفر الى جزر الكناري وصلته رسالتين غيرت حياته الى الابد كانت الاولى من هنسلو والثانية من جورج بيكك محتواها ان الحكومة البريطانية طلبت ترشيح طالب ليسافر في رحلة حول العالم على متن سفينة البيغل ووقع الاختيار من بيكك على داروين بعد ان رشحه هنسلو

كان داروين متحمسا للرحلة وفي نفس الوقت بحاجة الى توقيع والده روبرت الذي رفض بشكل قاطع رحلة داروين , لكن الوالد وافق في النهاية بعد ان توسط خال داروين 

1 - الاستعداد للرحلة:

لم تكن الرحلة بذاك التفاؤول المتوقع , حيث بدئت بتاجيل الاقلاع لمدة شهر وتمديد الرحلة لثلاث سنوات بدل السنتين كما كان حجم السفينة صغير جدا حيث كانت الغرفة الواحدة مشتركة بين رجلين وكانت مفتوحة فلا مكان للخصوصية ناهيك عن احوال الطقس السيئة .

2 - بداية الرحلة:

اصيب داروين بمرض الدوار الذي اثر عليه مدة اسبوع لايستطيع فيها الوقوف او النوم لكنه تعافى بعد ذلك . وعند اقتراب السفينة من جزر الكناري كاد حلم داروين ان يصبح حقيقة لولا ان السلطات الاسبانية منعت ان تسمع لاية سفينة بالمرور لوجود جائحة مرض الكوليرا في بريطانيا فطلبت السلطات حجرا صحيا على السفينة لمدة لاتقل عن ( 12 ) يوما . طلب الكابتن اكمال الرحلة دون التوقف في جزر الكناري وهذا القرار كان خيبة كبيرة لداروين كون الجزيرة هي السبب الذي قبل الرحلة من اجله اساسا . اسمرت الرحلة في عدة جزر ولما عاد داروين للسفينة اخبر الكابتن ( فيتزروي ) كم هو يكره الرق والعبودية ولم يكن احد يجرؤ على مناقشة الكابتن فاراؤه حقيقة مطلقة غير قابلة للنقاش . كان رد الكابتن بعد الجدال بينه وبين داروين ان اخبره الا يكلمه مرة اخرى كما طلب منه العودة للوطن لكن سرعان ماعاد الى الهوء وطلب من داروين ان ينسى الذي حدث فقرر داروين وقتها الا يتكلم عن العبودية او الامور السياسية امام الكابتن . ( واصبحت هذه قاعدة عامة لداروين حيث لم يرغب في ازعاج العلماء و الشعب بالإساءة الى افكارهم ومعتقداتهم الخاصة ) . كان داروين مهتما بجمع العينات والاحفورات وشحنها الى انجلترا عبر السفينة وبعد سنة من الصمت وصلته رسالة من هنسلوا يخبره بستلام جميع المواد التي شحنها بالاضافة انه اصبح احد اشهر العلماء في انجلترا حيث اصبح العلماء يتحدثون عنه كواحد من ابرز العلماء الانجليز .

3 - جزر غالاباغوس:

كانت اهم ماجاء في رحلة غالاباغوس ملاحظة داروين لطيور  والاختلافات في ما بينها ومابين الطيور في الجزر الاخرى ولم تكن هذه الملاحظة ذو اهمية لداروين في بداية الامر بل اكتشفها لاحقا وعاد داروين للوطن بعد رحلة حول الكرة الارضية استمرت 4 سنوات و 9 اشهر و ايام قليلة

4 - البحث عن الاسباب:

مع ملاحظة اختلافات في اشكال الطيور ظن داروين ان كل طير هو نوع منفصل ولكن اخبره عالم الطيور ( غودلر ) ان بعضها يعود لنوع واحد وهو ( finches ) المتواجد في امريكا الجانوبية . فبدء داروين بالتركيز على فكرة تحول الانواع ( اي التحول البطئ لنوع ليصبح نوع اخر ) ولكن داروين لم يكن يملك الدليل الدامغ لعرضه امام الشعب . في سنة 1839 اطلع داروين على مقالة توماس مالتوس التي تحتوي نظرية في التزايد السكاني حيث اوضح توماس ان الكائنات تلد عددا كبيرا من الكائنات ولو بقى حى لم تكن الكرة الارضية لتكفي لجميع الانواع واستنتج داروين انه لابد للكائنات التي بقت على قيد الحياة ان تتوفر على اعضاء تعطيها القدرة في البقاء والتناسل لنضرب مثال :

الاسد يفترس الغزلان -> الغزال السريعة فقط تستطيع العيش والتناسل -> ينتج عنه جيل من الغزلان يتصف بالسرعة .

5 - النشوء والارتقاء:

كان داروين معتنق بفكرة تحول الانواع الى انواع اخرى مع تراكم التغيرات البسيطة ( التكيف ) ولكنه لم يكن على استعداد لعرضها بسبب بعض الاستشكالات حيث لاحظ داروين ان السجل الاحفوري يبين تطور بعض الحيوانات في اتجاهات مختلفة على رغم من عدم تغير بيئتها فكيف يحدث ذلك ؟ حتى وصل داروين عام 1854 الى تصور ان المنظومة البيئية تحتمل اكثر من مجال بيئي ( مثلا لو ان بعض القدرة هاجر الى احدى الغابات حيث ينبت الثمار الرطب في شجرة عالية ويتساقط الصلب منها والذي يصعب تناوله , هنا يكون من الصعب على القردة الضخمة التسلق بسبب حجمها ولضعف اسنانها لايمكنها اكل الثمار المتساقطة بينما هناك نوع من القدرة خفيف الحجم يمكنه التسلق بسهولة والحصول على الغذاء . و بدأ داروين في محاول اخراج كتاب " الاصطفاء الطبيعي " بين سنة 1856 و 1857 .

5 - ظهور ألفرد والس:

كان داروين على تواصل مع الشاب الفرد والس واهداه مهمة في الهند الشرقية و في الطرد البريدي الذي ارسله والس الى داروين كان فيه مقالة طلب وارس من داروين ان يبدي رأيه فيها وكان عنوان المقالة ( ميل الضروب الحية للإفتراق بصورة غير متناهية عن النمط الاصلي ) وصدم داروين من محتوى المقال حيث وصل الشاب الفرد الى نفس ماتوصل اليه داروين وبناء على نفس النظرية التي اعتمقد عليها داروين (مبادئ مالتوس في السكان) فكانت فكرة الاصطفاء الطبيعي التي توصل اليها كل من داروين والفرد متطابقة . وخلال لحظات التوتر والحسرة لدى داروين وتفكيره حول نشر النظرية بسرعة وخوفه ان يتم اتهامه بانه سرقها من والس ثم استفاق داروين كاتبا 

من التعاسة ان اهتم مطلقا بالأفضلية .

وطلب داروين من ليل النصح في هذه المسالة وانتهت الى تقديم كلتا المقالتين ( مقالة داروين و والس ) لجمعية ليني العلمية لتكون النظرية مرتبطة بالعالمين مع بعضهما . وبالرغم من خوف داروين من ردة فعل والس بسبب نشر مقالته دون اذنه خالفت ردة فعل والس التوقعات حيث ارسل لداروين كم هو يشعر بالفخر والسرور لإقتران اسمه مع داروين الى الابد .

5 - المعركة:

كان داروين من الصنف الخجول وفكر كثيرا قبل طبع الكتاب حيث لم يكن يريد ان يسبب ان ازعاج لأفكار الاخرين وطبعت اول نسخة من الكتاب سنة 1859 تحوي 500 صحفة وكما كان متوقع اثار الكتاب هجوم من الاساتذة المحافظين ورؤساء الكنائس والطبقة الارستقراطية وتتالت المقالات والردود  على النظرية كما انها تحولت من نقاش بين طبقة المثقفين الى عامة الناس و ظهرت اصوات الخطاب الشعوبي من قابلة سؤال الاسقف سام الى هكسلي "هل تقر بانك من نسل القردة عبر جدك او جدتك " والذي جعل القاعة تنفجر من الضحك وكانت النية هي السخرية وبالرغم من ذلك استمر هكسلي في الدفاع الشديد على النظرية حتى اطلق عليه " كلب داروين " وجاءت الطبعات اللاحقة من الكتاب متاثرة بحساسية داروين حيث كانت اضعف من ناحية الحجج وتناقض نفسها بسهولة وتعتبر الطبعة الاولى هي الافضل .                                                                                                                                                                                                                                      

القسم الثالث : اهم المفاهيم المفتاحية لفهم التطور :

1 - التغاير:   لايوجد تطابق تام بين اي فردين من النوع نفسه يختلف الافراد من عائلة واحدة من حيث الطول والحجم والشكل و غيرها من الصفات

وتدعى الفروق بين افراد النوع الواحد بالتغاير .

2 - قابلية التوريث: يميل الابناء من حيث الصفات الى اظهار صفات مشابهة للأباء ( من حيث النوع ) فإن كان للأب عين وراس وذراع على الاغلب تكون نفس الصفات متواجدة لدى الاجيال الاخرى .

3 - تزايد السكان: في عالم الطبيعة تنتج الحيوانات والنباتات انسالا اكثر بكثير من قدرتها على البقاء , نضرب مثال بالارانب , تنتج الانثى في المتوسط 4 صغار خمس مرات في العام اي في نهاية السنة لدينا 20 ارنب ونصها من الاناث تنضج بعد ستة اشهر اي بعد عام اخر لدينا 200 ارنب وبعد حوالي 12 سنة سيكون لدينا الف مليار ارنب وهذا يطبق على جميع الانواع ( الماعز النحل الحمام ..الخ ) ولكن من الواضح انه لايقدر لكل هذه الكائنات ان تعيش فما هو السبب ؟ ( الاصطفاء الطبيعي )

4 - عمر الارض: ادرك داروين ان التطور استغرق وقتا طويلا وهذا ما جعله يحاول جاهدا لإثبات ان عمر الارض كبير جدا وهذا مانعتمده اليوم حيث يقدر عمر الارض بنحو 4.54 مليار عام

5 - البيئات المتغيرة: على عكس زمننا الحاضر الذي يتميز بثبوت القطس سنويا , كانت الامور في الاحقاب القديمة مختلفة حيث كان الطقس على جدرجة كبيرة من التغير والتقلب ما ادى الى بيئات شديدة الاختلاف حيث قد تكن الصحراء الحالية مرجا مغطى بالنباتات في حقبة سابقة و راى داروين ان لتغير البيئات الشان الهام في نظريته ففي كل مرة ينزاح فيها المناخ في بيئة ما يترتيب على متعضايتها التلاؤم مع هذا التغير كي تبقى وتستمر دون التعرض للانقراض

6 - الاصطفاء الطبيعي: تنص الفكرة على ان هناك من افراد النوع الواحد اختلافات قد تحدد مدى ملائمة الكائن للبقاء فمثلا الافراد ذات المقومات التي تساعدها على تجنب الضواري وتحصل على الغذاء وتنجح اكثر في ايجاد الجنس الاخر تمشي للبقاء مدة اطوال من الافراد المجردة من هذه الصفات ( الضعيفة - البطيئة - الغبية ) فتصل الحيوانات القليلة الباقية الى مرحلة النضج وتتناسل وتورث صفاتها الى الاباء اما ذات التغايرات الضارة ( غير ملائمة للبيئة ) فتموت وتبقى ذات التغايرات المفيدة ( الملائمة للبيئة ) . او ما يسمى بال التحدر المعتدل

- الاستنتاج : يصل داروين الى مامفاده ان مرور الزمن الطويل والكافي يسمح بوافر تراكمات من التبدلات في صفات افراد النوع الواحد فتجعل منه نوعا جديدة يختلف عن النوع الاصلي الذي انحدر منه بفضل الاصطفاء الطبيعي . 

القسم الرابع: اسئلة واعتراضات حول التطور :

- جدلية بالي : اعترض القسيس وليم بالي على التطور بحجة التصميم الذكي حيث يقول انه اذا وجدت ساعة مرمية ستقول من صمهها لكمية التعقيد الموجود فيها فكذلك الكائنات الحية بشكل اولى حيث كمية التعقيد والجمال فيها واضح للجميع , اما الرد على الاعتراض فكان ان بالي انطلق من مسلمة ان الحيوانات لها تصميم ذكي ومعقد واعترض التطورين على هذ الادعاء كون الكثير من الكائنات تحتوي على اعضاء ضامرة مثل الارجل عند الافعى , وكذلك اعضاء فيها عيوب مثل عين الانسان .

- لماذا يوجد حفريات لكائنات لم تتطور؟ : التطور ليس شيئا حتميا , حيث اذا كانت البيئة ثابتة وملائمة للكائنات فلا يوحد ضغط تطوري يخلق الحاجة لنوع او خصائص جديدة .

- اين هي باقي الحفريات ؟ :  صحيح انه لاتوجد حفريات لجميع الحلقات التطورية ولكن كذلك لاتوجد حفريات للكائنات الحالية وهذا يعود لشرط توافر الشروط المناسبة لتكون الاحفورة ( فعظام وهياكل الحيوانات تتحل بسرعة وتختفي )

القسم الخامس :  استراتيجيات البقاء : كيف يساعد الاصطفاء الطبيعي على بقاء الكائن ؟

يتكيف الكائن الحي مع البيئة لتحقيق القاء ومايلي بعض ماقدر للكائنات تطويره من استراتيجيات تساعدها على البقاء والتكاثر .

1- التمويه ( camouflage ) : امكانية ان يندمج الكائن مع مكان تواجده لشكل خداعا بصريا يحمي الكائن من المفترسين . ( حشرة العث نموذجا )

2- التنكر ( mimicry ) :  يتظاهر الكائن على انه شئ اخر مثل العيون المخيفة على اجنحة الفراشة والتي تبدو من بعيد كعيون الضواري فتخافها الطيور وتتجنب اكلها .

3- السرعة  : فالحيوان السرعة يكون اكثر حظا في هروبه من الحيوانات المفترسة و الضواري تحتاج السرعة كي تنقض على فريستها

4- المخادعة ( deception ) : وتستعملها الكائنات ذات الحركة البطيئة مثل الجرابي او بعض انواع الافاعي حيث تتظاهر بالموت املا في ان تصبح غير جديرة بالاهتمام من قبل الحيوانات لمفترسة .

5- الردع ( deterrence ) : حيث يصبح الحيوان قاسيا يرد الضواري عن اكله مثل القنفذ واشواكه .

6- السمية ( toxicity ) : عندما تتصف بعض الاحياء بالسمية او المذاق السئ تتعلم الضواري سريعا ان هذه الكائنات غير صالحة كغذاء فتتجنبها . ( وهذه الاستراتيجية شائعة عند النباتات و الحشرات و الاسماك )

7- الادراك الحسي الحاد : ونلاحظ انه الاكثر انتشارا في البيئة فحاسة السمع والابصار من اهم مقومات البقاء في البيئة كالصوات التي تسمعها الكلاب او الرؤية الليلة الحادة للبومة .

8-التنوع في الانظمة الغذائية : طورت الكثير من الكائنات استراتيجيات في الغذاء متنوعة مثل معدات الابقار التي تؤمن لها قضم وهضم العشب الذي لاتتمكن اغلب الحيوانات من هضمه , او النباتات اللاحمة التي تنقض على الحشراء بأوراقها وتذيبها بواسطة سوائل هاضمة .

9- الاصطفاء الجنسي : ليست الاستراتيجيات والخصائص هي وحدها كافية لتحقيق البقاء فالتكاثر ايضا مهم لنقل الجينات وهذا مانراه مثلا في الطاووس وذيله الجميل ذو الالوان الزاهية بالرغم انه ضد مبدا الاصطفاء كونه يزيد من احتمالية رؤية المفترسين للطاووس ! فالجاذيبية الجنسية تشكل اهمية في تكاثر الكائن وبقائه ( بغض النظر عن مصدر الجاذيبية الجنسية والجمال بصفة عامة عند الكائنات وكذلك سؤال كيف يعرف التطور موضوع الجمال اصلا كونه عملية غير ذكية ؟ )

القسم السادس: نهاية داروين :

- معضلة نصف جناح : اعترض البيولوجي جورج ميفارت على نظرية داروين بمعضلة " الاعضاء الغير كاملة " وهي بختصار تنص على ان بعض الكائنات تملك نصف اعضاء ( اي غير كاملة من ناحية التصميم او الوظيفة ) وناخذ مثلا نصف الجناح الموجد مثلا في السنجاب الطائر والسمك الطائر ولم يستطع داروين تقديم اجابة مقنعة لحل المعضلة ولكن لاحقا قدم بعض البيولوجيون بتقديم بعض الردود

1 - تساعد نصف الاجنحة الكائنات المختلفة مثل السنجاب و الصفادع و الاسماك الطائرة على الانزلاق في الهواء ... فهي ليست دون فائدة .

2 - تطورت هذه الاعضاء لتخدم هدفا اخر مغاير عن الهدف الذي كنا نظنه فمثلا الرئات الابتدائية لدى الاسماك القديمة لم تكن مجهزة للتنفس وانما للعوم .

- الخاتمة : قضى داروين اخر ايامه مع عائلته ولم يكن يهتم للشهرة و كان تركيزه فيما بعد على عالم الحيوانات والديدان واصدر كتاب في الموضوع حقق نجاح باهر وفي يوم التاسع عشر من عام فريل سنة 1882 توقف قلب داروين عن النبض ودفن بمساعدة العلماء في عصره في مقبرة العظماء البريطانية ( مقبرة وستمنستر في لندن ) .

القسم السابع: مندل و النظرية التركيبية : بعد وفاة داروين كانت الداروينية ان تكون طي النسيان بسبب مشكلة المزج في الصفات الوراثية حيث اذا اخذنا على سبيل المثال غزال قوي الارجل فريد من نوعه كي تنتقل هذه الخاصية الى الاجيال القادمة لابد ان يتزاوج مع غزالي ضعيف الارجل فينتج عن هذا التزاوج غزالي ليست رجله بقوة رجل ابيه ( اي تناقصت ) ومع حدوث عمليات كثيرة من التزاوج ينتهي الامر بالعودة الى ارجل الغزال الضعيفة كما كانت اول مرة . حيرت هذه المشكلة العديد من العلماء وقتها لكن الحل كان قريبا منهم . قرر الراهب غريغور مندل القيام بتجارب حلت المشكلة الاكثر حيرة في التطور . حيث استنتج من تجاربه على نبات البازلا قانونين ( الانعزال و التشكيل ) فبعد ان قام مندل بتلقيح نبات ذات لون اصفر مع نبات ذات لون اخضر كانت افراد الجيل الاول كلها ذو الوان صفراء ( اي انها لم تختلط بين اصفر و اخضر كما كان متوقع ) ولكن عندما ترك مندل الاجيال الاولى تتكاثر تفاجئ بوجود خليط بين النبات الاصفر والاخضر ( اي ان الجين لم يختفي اطلاقا ) استمر مندل بالقيام بالتجارب لمدة 8 سنوات وخرج بعدة استنتاجات :

1 - كل كائن حي يرث صفاته من ابويه

2 - كل اب يقدم نصف العوامل الورايثة ( المورثات او الجينات )

3 - اذا اختلفت صفات الابوين فهي لاتمتزج في الابناء غالبا بل تظهر صفة واحدة راجحة ( dominant ) وصفة الاب الثاني تبقى مختبئة وتكون متنحية ( recessive ) 

4 - الصفات المتنحية لاتختفي اذا كان للابوين المورثة المتنحية نفسها وانما تعود للظهور في الجيل الثاني 

فلو عدنا الى مثال الغزالة بستعمال نتائج مندل نجد ان صفحة الارجل القوية لاتختفي بالضرورة بل تتنحى وستعود للظهور في الاجيال القادمة ومع تدخل الاصطفاء الطبيعي يمكن للغزال ذو الارجل القوية ان يكون بكثرة في الطبيعة كون فرص نجاته من المفترسين كانت اعلى . 

النظرية التركيبية : اصبحت النظرية التركيبية هي الداروينية الجديدة حيث جمعت بين قوانين مندل و قانون الاصطفاء الطبيعي لداروين وهذه اهم عواملها

1 - الطفرات

2 - الاصطفاء الطبيعي وبقاء الانسب

3 - الانحراف الوراثي

4 - الموجات الوراثية

5 - الانعزال والتنويع

 القسم الثامن : تطور التطور :

بداية لم يعد الجدل حول التطور كما كان قديما فحدوث التطور والاصطفاء الطبيعي هو مسلمة لدى البيولوجيون وانحرف مسار الجدل حول اذا كان الاصطفاء الطبيعي هو المؤثر الوحيد او هناك عوامل اخرى ؟ . كما تمددت نظرية التطور خارج البيولوجيا لتشمل علم الكوسمولوجيا وعلم النفس حيث يظن علماء النفس ان كثير من العواطف وطرائف التفكير لدى الانسان هي نتيجة الاصطفاء الطبيعي كما يطبق في مجالات الاقتصاد و علم اللغة فمثلا يظن علماء اللغة اليوم ان مثلا لو اصبحت هناك كلمة عديمة النفع مثل كلمة ( couter ) و التي كانت تدل على جزء من اللباس المعدني السلاحي الذي يغطي المرفق ولعدم وجود هذا اللباس حاليا حذف الاصطفاء الطبيعي الكلمة من افواه الناس و اخرج كلمات متداولة حديثا مثل كلمة Email .

القسم التاسع: الاصطفاء الطبيعي عن كتب :

يميز البيولوجيون ثلاث اشكال من الاصطفاء الطبيعي (الموازن,التوجيهي,التجزيئي )

ملاحظة ( الرمز ص يرمز الى الجماعة المتوسطة و الرمز ج و د يرمز الى جماعتين متطرفين )

1 - الاصطفاء الطبيعي الموازن: عندما تبقى الجماعة في بيئة ثابتة الشروط الاف السنوات يقوم الاصطفاء الطبيعي بالحفاظ على افضل التكيفات لبيئة هذه الجماعة وتسود الجماعة ص

2 - الاصطفاء الطبيعي التوجيهي : عندما تتغير ظروف البيئة باستمرار ولمدة طويلة يترجح النمط المتطرف ( ج ) على النمطين الاخرين ( المتوسط والمتطرف الاخر د ) مثلا عند استعمال المبيد الحشري DDT باستمرار تزيد الجماعة المتطرفة ج كونها اكثر مقاومة للمبيد حتى تسود هذه الجماعة وتتحول الى الجماعة المتوسطة ص

3 - الاصطفاء الطبيعي التجزيئي : حيث بسبب التغيرات المتباينة للبيئة تسود الجماعات المتطرفة د و ج وينخفض وجود الجماعات متوسطة ص ومثال على هذا طيور الحساسين في جزر غالاباغوس فقط لاحظ داروين ان الجماعة الاصلية لهذا النوع من الطيور تمتلك مناقير متنوعة من حيث الشكل و الحجم .

- حشرة العث : يجدر الذكر ان اهم مثال للتطور التوجيهي الملاحظ في عصرنا هو التطور الاصغر الذي حدث لحشرة العث اثناء الثورة الصناعية ( يتبع ... )

 القسم العاشر : التطور الاكبر : 

يعتبر التنويع والانعزال من اهم مظاهر التطور الاكبر ( تحول نوع الى نوع اخر كليا ) وفي مايلي شرح مبسط للالياتين .

1 - التنويع ( Speciation ) : وهي عملية بطيئة عادة تحديث بعدة اليات ( المتباين الموطن , المتجانس , التنويع الفجائي )

2 - الانعزال ( isolation ) : من اجل ان يؤدي تشعب الجماعات الى انواع جديدة يجب ان تبقى الجماعات منعزلة تكارثيا بعضها عن بعض حتى قود الى اخفاق التزاوج بين الجماعتين المنعزلتين تكاثريا .

القسم الحادي عشر : التكيف وانواعه ( Adaption )  :

ويقصد بالتكيف التعديل الذي يطرا على بنية الكائن الحي ووظائفه فيسمح له باستخدام البيئة التي يعيش فيها واستغلالها بكفاءة . للتكيف عدة اشكال ( تشريحي , وظيفي , بيوكيماوي , سلوكي )

1 - التكيف التشريحي : وهو واضح من اسمه ومن امثلته تكيف بنية اقدام الطيور للقبض او السباحة او حشو الاعشاش

2 - التكيف البيوكيماوي : ويحصل في كيمياء الكائن مثل تحول مسالك صنع البروتين الى مسالك صنع السكر والعكس صحيح

3 - التكيف السلوكي : وهو يحصل لدى الحيوانات فقط , ومن امثلته غريزة الامومة للدافع عن ابنائها ( الحفاظ على النسل والجينات ) 

4 - التكيف الوظيفي : مثل وجود بعض الانزيمات لدى الكائن لهضم انواع خاصة من العشب

القسم الاخير : هل سيتطور الانسان مستقبلا ؟ : يظن ستي جونز ان الانسان سيشهد استقرارا كبيرا في صفاته ولن يتعرض للتغيرات العميقة التي كانت تحدث في الماضي لان المقومات الاساسية للتطور قد اختفت بصورة واضحة الوقائع تدل على ان تطور الانسان بلغ نهايته .